أفادت مصادر رسمية في وزارة الداخلية المصرية أن الحكومة ناقشت تطبيق نظام النقاط المرورية الجديد ضمن مشروع قانون المرور المرتقب، في محاولة للحد من الحوادث المرورية وتحقيق انضباط شامل على الطرق المصرية. ويمثل هذا النظام خطوة علمية هادفة لإحداث طفرة في ثقافة القيادة والسلامة المرورية بعد تصاعد أرقام الحوادث وخسائر الأرواح في السنوات الأخيرة.
آلية النظام: خصم النقاط وتوقيع العقوبات الصارمة
بحسب اللواء مدحت قريطم، مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع الشرطة المتخصصة، فإن النظام يقوم على تخصيص رصيد محدد من النقاط السنوية لكل قائد مركبة، غالباً 12 نقطة، يتم خصمها تدريجياً مع كل مخالفة مرورية مثل تجاوز السرعة أو عدم ارتداء حزام الأمان أو استخدام الهاتف أثناء القيادة. إذا نفد رصيد السائق بسبب تراكم المخالفات، يتم تعليق رخصة القيادة فوراً، وفي حال الاستمرار في القيادة دون رخصة قد تصل العقوبة إلى السجن، وذلك وفق ما هو معمول به في بعض الدول العربية مثل السعودية والإمارات.
لفت مساعد وزير الداخلية الأسبق إلى أن العقوبات المالية لم تعد كافية لردع المخالفين، حيث أثبتت التجربة أن المتجاوزين من السائقين القادرين على دفع الغرامات لا يلتزمون غالباً بقواعد المرور. أما نظام النقاط فيضمن مسؤولية أكبر للسائقين بغض النظر عن وضعهم المالي، ويجبرهم عملياً على الحذر والالتزام.
أنواع المخالفات وتأثيرها على رصيد السائق
يقسم النظام الجديد المخالفات إلى فئات: المخالفات البسيطة مثل عدم الالتزام بمسافات الأمان أو الوقوف في أماكن ممنوعة، يُخصم عنها نقطة واحدة؛ بينما المخالفات المتوسطة مثل تجاوز السرعة المحددة أو استخدام الهاتف أثناء القيادة تؤدي إلى خصم نقطتين؛ والمخالفات الكبيرة مثل قيادة المركبة في تجمعات دون تصريح أو تجاوز السرعة بأكثر من 50 كم/ساعة تؤدي إلى خصم 3 إلى 4 نقاط.
تعزيز الرقابة الإلكترونية ودعم التوعية المرورية
استندت وزارة الداخلية في تطبيق النظام إلى تطوير أنظمة إلكترونية حديثة تُمكّن رجال المرور من الاطلاع الفوري على سجل المخالفات لكل سائق عبر الرقم القومي، وتفعيل الرادارات الذكية، مما يسهل تطبيق العقوبات فوراً ويزيد من كفاءة ضبط الحركة المرورية.
أكد اللواء قريطم أن الدمج بين الرقابة التقنية والتوعية المرورية في المدارس والجامعات ودور العبادة يمثل ضرورة قصوى لغرس ثقافة القيادة الآمنة منذ الصغر، مطالباً بتكثيف برامج السلامة المرورية ومشاهد توضيحية في المناهج الدراسية، وتطوير مدارس تدريب القيادة الحديثة لتأهيل الشباب على القيادة الآمنة.
مؤشرات أولية لانخفاض معدلات الحوادث
كشف تقرير رسمي حديث أن معدل الحوادث المرورية والوفيات الناتجة عنها تراجع بنسبة 10% بين عامي 2023 و2024، وقد سجلت النيابة العامة انخفاضاً في المخالفات المرورية بنسبة 24% خلال الربع الأول من 2025، ويعزو الخبراء هذا التحسن إلى الرقابة التقنية والتحولات التشريعية الجديدة.
يأتي هذا التوجه تنفيذاً لخطة إستراتيجية وطنية تهدف إلى وضع مصر في مصاف الدول الأكثر أماناً على الطرق، عبر بناء شبكة نقل ذكية تؤسس لتخفيض معدل الحوادث بنسبة 50% بحلول 2030 بغرض حماية الأرواح وتعزيز الثقة في منظومة النقل الوطنية.
تظل خطة تطبيق نظام النقاط المرورية واحدة من أكثر الخطوات المنتظرة لتغيير ثقافة القيادة لدى السائقين وتقليل الحوادث، وسط دعوات مجتمعية لتفعيل النظام فورياً والمضي في تنفيذه بصرامة وشفافية وبالترافق مع إصلاحات مستمرة للبنية التشريعية والتوعية السلوكية على مستوى البلاد.




